محمد حامد (دبي)

«إنها عائدة للديار» أغنية الحلم الإنجليزي، التي تداعب الشعور بالكبرياء الكروي وتحاول جعله حقيقة وواقعاً لا تاريخاً فقط، إنها الأهزوجة التي بدأ الجميع يتغنون بها منذ عام 1996، اعتقاداً وأملاً في الحصول على لقب كبير، وتحديداً اللقب المونديالي أو أمم أوروبا، وفي كل بطولة كبيرة تعود هذه الكلمات لتتردد على ألسنة الملايين في بلاد الإنجليز، وعبر أغلفة الصحافة، وفي مواقع السوشيال ميديا، وهي نفس الأغنية التي تحولت إلى مثار سخرية العالم قبل 130 يوماً، حينما تمكن الكروات من إجهاض الحلم الإنجليزي في بلوغ نهائي مونديال روسيا، حينما فاز رفاق الملك لوكا بهدفين لهدف.
وبعد 130 يوماً نجح منتخب هاري كين، الملقب بـ«الأسود الثلاثة» في الانتقام ليس من الكروات فحسب، بل الثأر كذلك لأغنية الحلم والكبرياء، فقد حقق الإنجليز الفوز بهدفين لهدف، ليضمنوا التأهل إلى الأدوار النهائية، وتحديداً المربع الذهبي لبطولة دوري أمم أوروبا، وهو الدور الذي تحتضنه البرتغال الصيف المقبل عقب نهاية دوريات القارة العجوز، ويقف الإنجليز الآن أمام 180 دقيقة فقط من أجل تحقيق الحلم الغائب منذ عام 1966، وهو الفوز بلقب كروي كبير، يعيد لهم مشاعر الفخر التي لم تكتمل في أي مناسبة منذ 52 عاماً، مباراتان فقط على حد قول هاري كين هداف الإنجليز من أجل الفوز ببطولة تعيد للكرة الإنجليزية هيبتها، وتحفظ لها مكانتها باعتبارها موطن كرة القدم بنظامها وشكلها وقوانينها الحالية.
وتماشياً مع شعار «إنها عائدة للديار»، فقد استخدم زلاتكو داليتش المدير الفني لمنتخب كرواتيا نفس الشعار لمداعبة الإنجليز والإشادة بهم في نفس الوقت، قائلاً: «نعم سوف تعود إلى وطنها قريباً جداً، لقد نجح الإنجليز في تكوين منتخب شاب قوي وسريع، وهذه الأشياء مهمة جداً في عالم كرة القدم، وهذا ما يجعلني أقول إنها سوف تعود لديارها قريباً، لقد أظهروا في مونديال روسيا أنهم على الطريق الصحيح ولديهم منتخب قوي وشاب، نعم إنهم يستحقون التأهل إلى المربع الذهبي للبطولة».


وأشار زلاتكو إلى أن مباراة منتخب بلاده التي فاز بها بصعوبة كبيرة على إسبانيا كانت سبباً في حالة الإرهاق، إلا أنه أبدى شعوره بالفخر لما حققه المنتخب الكرواتي في عام 2018، وخاصة الحصول على المركز الثاني في المونديال الروسي، وتابع: «كان من الصعب علينا التعافي عقب موقعة إسبانيا والتي حققنا خلالها الفوز بأداء بدني تسبب في إرهاقنا، على أي حال أنا فخور بكل ما حققناه في 2018، نحن بلد صغير، وليس لدينا البنية التحتية الرياضية الضخمة التي تسمح لنا بتحقيق الكثير، علينا أن نشعر بالفخر لأننا وصيف البطل في المونديال».
وعلى الجانب الآخر تغزلت الصحافة اللندنية بما قدمه منتخب الأسود الثلاثة، ولم تتردد في رفع شعار: «إنها عائدة إلى الديار»، بل إنه كان خياراً مثيراً لغلاف صحيفة «الصن»، وامتدح جاريث ساوثجيت منتخب بلاده، وخاصة الهداف هاري كين الذي يرى أنه المهاجم والهداف الأفضل على الساحة العالمية في الوقت الراهن، وقد نجح كين في تحقيق رقم تاريخي باستاد ويمبلي العريق، فقد أصبح أول لاعب يسجل 30 هدفاً على هذا الملعب، مستفيداً من إقامة مباريات توتنهام في ويمبلي، وكذلك إقامة المواجهات الدولية لمنتخب إنجلترا بنفس الملعب.
ووفقاً لما نقلته الصحافة اللندنية تابع ساوثجيت: «أعتقد أن هاري هو الهداف الأفضل في العالم حالياً، ثقتنا بلا حدود في هذا اللاعب، فهو يتمتع بالجوع الدائم للتسجيل وقيادة المنتخب إلى أفضل أداء نتائج ممكنة، أنا فخور بتطور المنتخب بصورة كبيرة، وقد ظهر ذلك في المونديال، واستمر في الوقت الراهن، لدينا عناصر شابة لا نخشى من مغامرة الدفع بهم في كافة المراكز، والرائع في الأمر أن العلاقة مع الجماهير عادت إلى أقوى حالاتها، لم يسبق لي على مدار السنوات الماضية أن شاهدت ويمبلي متحمساً بهذه الصورة، وسوف نقدم الأفضل في 2019، اللاعبون الصغار لديهم طموحات لا حدود لها، والطاقة الإيجابية التي تحيط بنا تجعلنا على ثقة من تقديم الأفضل في المستقبل».
المنتخب الإنجليزي نجح في تقديم الأداء الأكثر إقناعاً، وحقق النتائج الأفضل له منذ ما يقرب من نصف قرن، فقد تأهل لنصف نهائي المونديال، وحقق الهدف من دوري أمم أوروبا بالتأهل إلى الأدوار النهائية والمربع الذهبي، وقد شهد عام 2018 الدفع بعناصر شابة واعدة، حيث لا يتجاوز متوسط العمر 24.8 عاماً، وخاض الإنجليز بنجومهم الصغار 17 مباراة في 2018، وحققوا الفوز في 11 مواجهة، وبلغت حصيلتهم التهديفية في المباريات المشار إليها 28 هدفاً، ويحتل كين الصدارة برصيد 8 أهداف، لتعود الثقة إلى عشاق «الأسود الثلاثة»، مما يجعلهم يشعرون «إنها عائدة إلى الديار» فعلاً وليس قولاً.